مصعب الصاوي: إشراقه المجد ملحمة مدهشة وجسر للتواصل الحضاري
2016-02-21


اثار العرض المدهش لاوبريت “اشراقة المجد” العمل الفني الرئيس في حفل افتتاح فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي في نسخته الأولى والتي انطلقت أمس الأول من على خشبة مسرح الكورنيش بالفجيرة الدهشة وسط الحضور لجماليته الابداعية والفنية وقيمته التاريخية والمعرفية ، فقد كان العمل كما وصفه الناقد السوداني مصعب الصاوي رائعاً مدهشاً ومليئاً بالإبهار محتشداً بالقيم الثقافية والفنية مما جعله أهلاً للقراءة والتحليل والتعليق.
الفجيرة نيوز استعرضت القراءة التحليلية للصاوي حول الملحمة المدهشة “اشراقة المجد” :
في ثنائية البحر والصحراء :
الإمارات بعامة والفجيرة تحديداً مكان له عبقريته الخاصة فهو يجمع بين عناصر كونية طبيعتها التضاد والألفة معاً فالصحراء بامتدادها الشاسع وقسوة سبل كسب العيش فيها ومغالبة الظروف الطبيعة جعلت إنسان الإمارات يولد صلباً يتسم بسعة الخيال والصبر ، كما أن البحر هو الجسر الذي ربط الإمارات بالعالم فشاركت الإنسانية بجميع ألوانها وخبراتها وسحناتها في بناء معجزة النهضة الإماراتية ،لذا ركزت سمات العرض الفنية على هذين العنصرين وما بينهما من حياة تمور بالكدح والعمل في الماضي أو الحاضر و المستقبل.
الإمارات بهذا المعنى تمثل نموذجاً يحتذى في الشراكة الانسانية من أجل نهضة الإنسان ومن أجل الخير والنماء والرفاه .
توسم العرض بجملة من العناصر والمؤثرات السمعية والبصرية والأداء الحي لإيصال هذه الفكرة عبر رسائل العرض وشفراته
بناء الديكور والمناظر:
في خلفية ديكور العرض ترك المخرج الباب مفتوحاً على (الأزرق) دلالة على البحر ،وعبّر عن حركة البحر (بالدخان) المؤثر البصري المتحرك تعبيرا عن حركة الحياة في محيط ديناميكي مداً وجزراً معززة بتطبيقات من صور أرشيفية لرحلات البحر سواءاً لصيد الأسماك أو الغوص لاستخراج اللؤلؤ ومشهد السفن القديمة وسحنات الناس فضلاً عن الإشارة إلى ذراع بشرى قوية ترفع الصاري لتعطي دلالة رمزية أن الحياة لكي تبقى وتستمر تحتاج الى القوة (دلالة العزيمة والإرادة) فالبحر ليس مفروشاً بالورود والأحلام وإنما ينذر بالخطر ووجود العنصر البشري مفروشا في هكذا بانوراما كونية مخيفة لهو تعبير عن معدن ذاك الإنسان الذي أراد الحياة فاستجاب القدر
استخدام الكتل والمجاميع :
ظل مخرج العرض يستخدم الكتل البشرية في شكل مجاميع بتصميم جمالي بديع هذه المجاميع تقلب صفحات من تاريخ الإمارات بالرقص التعبيري تارة والرقص المسرحي الأدائي تارة أخرى،مزودة بمهارة احترافية في تغيير الزي والإكسسوار وأسلوب صف المجاميع كلما حدث انتقال من حال الى حدث ومن فكرة الى فكرة أخرى دون أن يخل ذلك بتماسك الإيقاع مما يؤكد سيطرة المخرج على جو العرض وفضائه سواء كان هذا الفضاء افتراضياً على وسائط الملتميديا أو فضاءاً حراً وحياً على خشبة المسرح
دلالة المرأة والراوي :
ظهور شخصية الراوي يتأبط (سجل المجد ) دفتر افتراضي يؤرخ للإمارات، أو المرأة التي تقدم بعض اللوحات على خشبة المسرح يحمل أكثر من دلالة أهمها أن هذا المجد ومعركة الإمارات في البناء والتنمية صنعت بتكامل وتعاون الجنسين رجالاً ونساءاً ،هذا أولاً ثم أن السجل الذي يحمله الراوي يرمز الى أن كل أطوار البناء والنهضة مسطرة وموثقة لتتعرف عليها الأجيال أي كيف عاش الأسلاف بين سيفي البحر و الصحراء وهزموا بإرادتهم كل تلك التحديات. والأنثى في دلالة الفنون هي الأكثر شاعرية في التعبير عن الحياة المجتمعية ومعرفة أسرارها لذا كانت هذه القيمة المجتمعية ترد على لسانها بدءاً بحاملات الزهور للشهداء وانتهاءاً بلون ا العباءات الاسود ليعبر عن تقديرنا لمن بذلوا أرواحهم فداءاً للوطن وأملاً في أن تعيش الأجيال الجديدة رافلة في حلل الهناءة والسلام .
شرفة التاريخ … بوابة الحضارة
لم يغفل المخرج رغم احتشاد العرض بملحمة التطور التاريخي وبناء الإمارات بما فيها مداولات الإتحاد التي انتهت بتجميع وضم الكيانات القبلية والمناطقية في منظومة الاتحاد .. لم ينس وهو يستقصي هذا التاريخ الإشارة الى الفجيرة ( دانة عقد تلك المنظومة وجوهرة كمالها وتمامها ) وظلت هذه الدالة مستقرة في خلفيات المناظر بقلعتها وبوابتها التاريخية المنفتحة على مشهد البحر حيث المطلق واللا متناهي .
الحضارة والخيول :
يقول أمل دنقل ( الفتوحات في الأرض حملتها سنابك الخيل ) وقد استخدم المخرج الحصان كمفردة حضارية تعبّر عن الإنسان العربي الذي يعيش في الصحراء التي صنعت تاريخه وتجربته كما يعبّر الحصان أيضاً عن فكرة العبور فهو كائن يعبر بك من مكان الى آخر ومن زمن في الماضي إلى آخر في الحضارة ولم يكتف المخرج بأن جعل الحصان مجرد صورة تذكارية تظهر على الجرافيك في شاشات العرض بل استخدم فارساً حقيقياً من لحم ودم يأتي ليتخذ صوته صوت الراوي ضمن لوحات العرض .
المزيج الحضاري :
إذا كان من فكرة ملهمة انقدحت في ذهن المخرج فهي فكرة المزيج الحضاري الانساني والإثني الذي انصهر في بوتقة التجربة الاجتماعية الاقتصادية الاماراتية فاستعرض العرض الجذر الآسيوي الهندي وقوس واسع من المؤثرات الأوروبية والإفريقية والمشرقية بتنوع أزيائها وثقافاتها وإيقاعاتها لاسيما وأن مهرجان الفجيرة الدولي للفنون من أهدافه جعل الفنون جسراً للتواصل الحضاري بين شعوب المعمورة يفصل بين كل عناصر المزيج هذا الصقر الصياد وهو كائن ملحق بالحصان يعبر عن الصحراء ،كذلك هو رمز الدولة بما فيه من قوة وسمو ورفعة
تصميم الرقصات والفنون الشعبية :
كما راعي مخرج العرض التنوع الإنساني في مزج فنون العالم في لوحة واحدة أيضاً ثم المزج بين الفنون التقليدية الشعبية في الإمارات بتصميم رقص معاصر فامتزجت الحداثة والتاريخ معاً في لقاءٍ فني ٍ مبهر وتم تقديم الفنون الإماراتية التراثية نفسها في ثوب معاصر .

الإشتراك في النشرة البريدية

كن على إطلاع على أحدث الفعاليات والأخبار